عن نزار بطو


منذ طفولتي إكتشفت إرتباطًا عميقًا وخاصًا بعالم الوعي مما جعلني أُبحر في التعلُّم وأَبحث في هذا المجال. ليس صدفةً أني قمت بأختيار مهنة تعتمد في جوهرها على الإبداع والتواصل الواعي. أرى العديد من القواسم المشتركة بين عالم الإبداع وعالم الشفاء وأجد بينهما حقيقة البحث عن التوازن الكامل بين الجسد والنفس، المادة والروح.
خلال مسيرتي المهنية، بحثت عن الأدوات التي من شأنها إثراء وتوسيع العالم الإبداعي، وفي نفس الوقت إنطلقت في رحلة روحية تهدف إلى إكتشاف عالمي الداخلي الخاص. هكذا التقيت للمرة الاولى بالتأمل والذي لعب دورًا مهمًا في تطويري الروحي في بداية مساري.
الممارسة التأملية كانت بمثابة باب الذي ساعدني في التعرف على هويتي، قدراتي وطموحاتي الواسعة في الحياة، المتمحوره حول البحث عن الكمال في العلاقة المتبادلة بين الروح والنفس. وهناك تشتعل في داخلي الرغبة في الإكتشاف ومعرفة المزيد، حيث لا يتوقف التطور أبدًا. 

الى عالم الوعي من سن 13 عامًا لمدة ثلاثة أسابيع

في أحدى الليالي عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري، من دون سابق إنذار، حين كنت مستلقي على سريري، أستعد للنوم، رأيت كائنات بيضاء صغيرة تقفز أمام عيني.
قد ركزوا انتباهي وكأنهم يأخذوني معهم الى عالم آخر.
نهضت مذهولًا من السرير ولاحظت ان ردة فعل جسدي كانت حركات غير مألوفة لي.
همست لأُختي:"أشعر بأنني لست على ما يرام وكأنني أُصاب بالجنون".
بدأت الغناء حيث جسدي كله يرتعش. كأن كياني كله في حالة من النشوة التي لا يمكن السيطرة عليها. مثل حالة من الهَوس او المس الروحي.
جاء أبي الى غرفتي وبدأ الغناء معي.
شاهدتنا أُمي بفزع وانفجرت في البكاء.
قامت أُختي بسكب الماء علي محاولة تهدئتي، لكن جسدي استمر في اصدار نفس الحركات كمثل شخصية في فلم،
منفصل تمامًا عن الواقع المعروف والمتداول.
قال أبي: "دعونا نخرج لنستنشق الهواء"، وأخذني الى شرفة البيت.
مرت حوالي نصف ساعة حتى زالت الأعراض وارتاح جسدي.
وقفنا حائرين وعاجزين عن فهم ما قد حدث معي،
آملين أن نستيقظ في صباح الغد ونجد انها ليست إلا نوبة عابرة.
في اليوم التالي، عندما كنت مستلقيًا في سريري أتجهز للنوم، عادت الأعراض مرة اخرى وتكررت في الأيام التالية.
في كل مساء، انا ووالداي كنا نقف مذهولين وعاجزين.
لجأنا الى الأَطباء، دون جدوى، لم يكن لدى أي منهم تفسيرات.
هل هذا نوبة نفسية؟ هل هو مرض؟ جنون؟
ذات مساء قلت لأبي:"دق الحديد وهو حامي. اتصل بفؤاد حتى يراني عندما يحدث ذلك لي".
بروفيسور فؤاد بطو، عمي، طبيب أطفال وأخصائي قلب، هو أيضًا وقف مذهول وعاجز أمام ما يحدث لي.
بدأت اتعرف على الطقوس المتكررة في كل ليلة.
"بقي ربع ساعة اخرى" كنت أقول لأبي بإصرار عندما كان يحدق بي.
كنت أرى الاتزان والحكمة التي تظهر على وجهه، مما زادني صبر على هذه الظاهرة وترابط بيننا.
عندما لم يتمكن الأطباء من إيجاد الحل، لجأنا الى رجال الدين والروحانيين.
قال أحدهم لأبي:"لقد اكتشفتم لي كنزًا"، واقترح :" يجب حجب رؤيته الروحية هذه".
وكان واضحًا للجميع أن هذه الظاهرة ذات أهمية بالغة،
لكن يبدو أن حالة الذعر كانت كبيرة لدى اهلي، وأرادوا العودة لحياة هادئة.
بأستشارة مع أحد الاقارب، طلبت أُمي من أحد الاشخاص الروحيين.
ان يحجب رؤيتي الروحيه.
بدأت الاعراض بالاختفاء.
وعدت كوني صبيًا ابن الثالثة عشرة.
منذ ذلك الحين وأنا أتساءل، أبحث وأستكشف عن سبب حدوث تلك الظاهرة لي بالتحديد، "كيف يمكنني استرجاع ما قد مررت به مرة اخرى".
ومرت السنين…
انفتحت لي أبواب عالم الروحانيات، لكن هذه المرة كشخص بالغ وناضج الذي يستطيع احتواء الأنوار النازلة إليه.
من خلال بحثي لظاهرة أيام صباي،

أدركت أنها كانت أول دعوة لي إلى عالم الروح،
إلى قدرات تتجاوز "هنا والآن".
ومن الآن فصاعدًا،
تواصل روحي رحلة التطور،
الاكتشاف،التنوير.

الإبداع الذي قادني الى التأملات

في بداية مسيرتي أردت ان أصنع عملًا إبداعيًا، مميزًا ومختلفًا.
بعد العديد من عمليات البحث والأسئلة، عثرت على مقال في الانترنت عن التأمل. حيث كتب فيه انه من أجل تعزيز القدرات الإبداعية لدى الشخص، من المستحسن أن يُمارس التأمل كل يوم، الذي من خلاله سوف يتلقى الإلهام والإنفتاح على عالم الإبداع.
لقد أثار اهتمامي هذا الموضوع وبدأت اسأل الأصدقاء والمعارف عن كيفية تعلم وممارسة التأمل، كما وبحثت أيضًا عن معلومات في الكتب والانترنت التي من شأنها ان تفيدني لكن دون جدوى. في أحد الأيام، صادفت إعلانًا عن مؤتمر للتأمل لمدة ثلاثة أيام وقمت بالتسجيل. كانت تبدأ التدريبات في تمام الساعة الخامسة صباحًا وتستمر حتى العاشرة ليلًا. دخلت قاعة التأمل، جلست جلسة التأمل وأغمضت عيني مثل الجميع و... إنتظرت النتيجة. مر الوقت ولم يحدث شيء! فتحت عيني لارى أن كل شيء على ما يرام، رأيت أن الجميع ما زالوا يجلسون ولا شيء يحدث لهم أيضًا، ومره اخرى أغمضت عيني وانتظرت…
هكذا، لمدة ثلاثة أيام، كنت أنتقل من ورشة إلى اخرى وأنا عاجز عن فهم كيفية ممارسة التأمل وماذا يحدث خلالها.
في النصف الساعة الأخيرة من المؤتمر وخلال ورشة التأمل، إستشعرت وأدركت ما هو التأمل! عرفت وفهمت كيف أدخل إلى الصمت وكيف أسبح من خلاله وفي عمقه.
عندما فهمت معنى التأمل بشكل واضح ونجحت في تذوقه، أدركت أنني كنت أُجيده وأُمارسه كعادة حياتية في معظم وقتي، وذلك من خلال انغماسي بالإبداع في إطار عملي. لكنني في ذلك الوقت لم أكن مدرك أني أمارس التأمل بشكل تلقائي.
عندما أدركت تأملي الطبيعي، بدأت أُمارسه بوعي ومع نيَّة واضحة، من هناك استمتعت بكل ما كنت أفعل وقد برز إبداعي على طول الطريق في كل عمل اقوم به. 


عندما لمست المعالج الذي بداخلي وقمت بتطوير طريقة علاج تنظيف الطاقة 

إرتباطي الروحي بالعلاج قادني في البحث عن متعالجين يمينًا ويسارًا. من متعالج الى آخر لمست أكثر فأكثر وجود المعالج الذي بداخلي، لذلك بدأت في البحث عن معلمين روحانيين وطرق تعلم اخرى من جميع أنحاء العالم لتعزز نشاطي الروحي والقدرة العلاجية بداخلي. حتى أن قمت بتطوير طريقة علاج تنظيف الطاقة للمجموعات والتي من خلالها وبفضل الله طورتُ طريقة العلاج عن بُعد بدون الاتصال الجسدي مع المتعالج.
هكذا بدأ يتشكل مسار العلاج الخاص بي والذي بموجبه أخترت أن آتي الى العالم وأعمل على إظهار الروح الالهيه للمتعالج الى أمام وجهته في رحلته الروحيه. كذلك أيضًا، مساعدة المتعالج في إتصاله مع القوه الالهيه الكامنه فيه. ليدرك أنه نفخه من روح الله (روح الالهيه) وليس النفس ليرتقي بروحه من خلال النفس.